Wednesday, 25 February 2009

الـمــعــتــقــــد الــثــانــــي - الـســيــخــيــــــة

ظهرت السيخية متأخرة عن الديانات الهندية الكبرى التي ظهرت قبل ميلاد المسيح عليه السلام،
حيث ظهر مذهب السيخ في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي،
وذلك بعد أن أشرق فجر الإسلام على ربوع الهند وقامت فيه ممالكه ودوله.
تعريف السيخية
ـــــــــــــــــــــــ
ديانة وضعية أرضية جمعت عناصرها من الثقافة الهندوسية ومن الدين الإسلامي،
وقد أراد واضعها جمع المسلمين والهندوس على دين واحد، إلا أنه فشل في ذلك، فظلت الديانتان على حالهما،
وشكل هو وأتباعه دينا جديدا تحت مسمى السيخية
.
مؤسسها
ــــــــــــــــــ
يدعى "ناناك" ولد في الهند سنة 1469م . هندوسي المولد والديانة،

إلا أن اختلاطه بالمسلمين ومجالسته للصوفية منهم قد أثر فيه،
مع ما قد عرف عنه من نقده لبعض جوانب الهندوسية، فتولد عنده همُّ الجمع بين الديانيتين،
فخرج على الناس بالدعوة إلى الدمج بين الديانتين
تحت شعار " لا هندوس لا مسلمون " .فنبذه المسلمون والهندوس على السواء ،
وانحاز هو وأتباعه ليكونوا جماعة دينية مستقلة، كغيرها من الجماعات الدينية التي تعج بها الهند.
أنشأ لديانته الجديدة معبدا، وكان هو أول معبد لها في "كارتاربور" ،
وينسب إليه كتاب " كرو كرنتها صاحب " وهو من الكتب المقدسة لدى السيخ .
توفي تاناك سنة 1539م، وقبل وفاته عين أحد طلابه خليفة له،
وقد دفن في بلدة ديرة "باباناناك" بالبنجاب الهندية الآن
.
الأفكار والعقائد
ــــــــــــــــــــــــ
تشتمل أفكار السيخ ومعتقداتهم على خليط غير متجانس من العقائد والأفكار
التي أُخذت من الديانة الإسلامية والثقافة الهندوسية،
فمن معتقدات السيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القول بالتوحيد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا أخذوه من المسلمين إلا أنهم خلطوه بشرك الهندوس، فزعم رئيسهم - وفق ما ذُكر في كتابهم المقدس :
" إن برهما خرج من سرة وشنو " وكلاً من برهما وشنو من آلهة الهندوس، فبرهما هو الخالق عندهم وشنو أو فيشنو هو الإله الحافظ لأمر العالم - كما ورد في موضوعي عن الهندوسية - ،
وبهذا الجمع الغريب يكون السيخ قد جمعوا بين لفظ التوحيد عند المسلمين وحقيقة الشرك والتعدد عند الهندوس
2- القول بوحدة الوجود،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا القول لا شك أنهم أخذوه عن الهندوسية،
فالإسلام يفصل فصلا تاما بين حقيقة الإله الخالق المعبود، وبين خلقه من الحيوان والجماد،
وأما الهندوسية فتعتقد أن المخلوقات برزت من مادة الإله ولذلك فغاية المنى عند الهندوسي أن يتحد بالإله،
ولعل هذه النظرة الهندوسية هي التي أخذ السيخ منها القول بوحدة الوجود
.
3- تحريم عبادة الأصنام وصناعتها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
، وهذا مأخوذ من المسلمين، أما الهندوس فتكاد تضيق بيوتهم ومعابدهم بها .
4- القول بتناسخ الأرواح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
، وهو من صلب عقيدة الهندوس، فالأرواح تنتقل من جسد إلى آخر دائما وأبدا
إلا أن تنجو فتتحد بالإله برهما - وفق اعتقاد الهندوس -،
وقد أدخل السيخ تعديلا على عقيدة التناسخ فأرجعوا الأمر إلى الله سبحانه، فقالوا :
إن التناسخ ليس بحتم بل قد ينجو الإنسان من التنقل أحيانا بمحض لطف الله سبحانه
.5- تحريم الرهبنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث يوجبون على أتباع الطائفة السعي لطلب الرزق،
وهذا بلا ريب مأخوذ من الإسلام الذي حرم الرهبانية وأوجب على العبد اكتساب معيشته،
على خلاف مذهب الهندوس الذي يرغب أتباعه في الرهبنة وترك العمل والسلبية في الحياة
.6- الإيمان بأصل النبوة والرسالة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن الله يبعث إلى عباده رسلا يهدونهم ويدلونهم إلى طريق الخير والصلاح، وهذا القدر يشبه معتقد المسلمين،
أما الهندوس فيؤمنون بأن الله إذا أراد هداية خلقه نزل إليهم في صورة بشر لإنقاذهم،
وقد تسرَّب القول بألوهية المصلح إلى السيخ من قبل زعيمهم "أرجن داس" المتوفي سنة 1601م،
والذي أعلن القول بألوهية جميع المصلحين السابقين ابتداءا "بنانك" مؤسس السيخية وانتهاء به،
وجاء المصلحون من بعده فادعوا لأنفسهم مثل ما ادعى لنفسه
!!!7- إباحة شرب الخمر وأكل لحم الخنزير،
وتحريم أكل لحوم الأبقار، وهذا من دين الهندوس
.8- الدعوة إلى الوحدة بين الهندوس والمسلمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورفع شعار " لا هندوس لا مسلمون "
يقول الزعيم السيخي كوبند سنغ : " لا فرق بين مندر " معبد الهندوس " ومسجد
وبين عبادة الهنادك وصلاة المسلمين
" 9- المحافظة على التزام القواعد الخمس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي بمثابة الهدي الظاهر لهم وهي :
الأولى :الكيشو "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعناها إرسال شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما.
الثانية : "الكانغا"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو عبارة عن تضفير الشعر وتركه مجدولا عوضا عن مشطه - وعندي معلومة تقول أن السيخي يقص جزء بسيط من شعره كلما قتل مسلمين - هذه المعلومه سرية لكن سمعتها أثناء حياتي بالخليج والله أعلم .
الثالثة : " الكانشا "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتعني لبس سروال متسع يضيق عند الركبتين، وتحريم لباس "دهوتي
وهو الرداء الذي يلبسه الهندوس، وطوله ستة أمتار، يلف حول الجسد من تحت السرة .
الرابعة : "الكارا"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو سوار من حديد يلف حول المعصم، ويحرم لبس جميع أنواع الحلي والجواهر .
الخامسة : "الكربال"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو عبارة عن نوع من السيوف أو الخناجر يلبسه السيخي ليتحلى به، وليحمي السيخي نفسه من أعدائه .
الكتب المقدسة لدى السيخ :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألف قادة السيخ ومعلمومهم كتبا قدسها أتباعهم، واتخذوها مصدر هداية لهم،
فمن تلك الكتب:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب آدي غرانت
ــــــــــــــــــــــــــــ
ويشتمل على مجموعة من الأناشيد الدينية ألفها المعلمون الخمسة الأوائل وتبلغ قريبا من 6000 نشيد ديني.
كتاب " كروكرنتها صاحب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" وينسب إلى مؤسس السيخية نانك.
كتاب "راحت ناما"
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويحتوي على آداب وتقاليد " الخالصدال"
وهي طائفة من الشباب التزمت بنظام سلوكي قاس،
حيث ينصرفون إلى العبادة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدونه .
عبادة السيخ :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تتمحور عبادة الإله عند السيخ بترديد الأناشيد من كتبهم المقدسة التي سبق ذكرها.
كانت تلك لمحة موجزة عن الديانة السيخية، وهي توضح أنها اختراع بشري
أراد صاحبه الجمع بين ديانة سماوية هي الإسلام، وديانة وضعية أرضية وثنية هي الهندوسية،
رغبه في الأولى سمو تعاليمها، وإحكام مبانيها،
ورغبه في الثانية تقليد الآباء والأجداد، كما هو حال المشركين الذين وصفهم سبحانه بقوله :
{ وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } ( الزخرف : 23 ) ،
ومحاولة خلط دين سماوي بفلسفة بشرية هي أشد سذاجة من منطق المشركين هذا،
فالأديان تتلقى من الوحي وتنزل من السماء، ولا تخترعها العقول وترسمها الأفكار .

Tuesday, 3 February 2009

الهندوسيــــة ....الجزء الثالث


الهندوسية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعريف :الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية(*) ديانة(*) وثنية(*) يعتنقها معظم أهل الهند،
وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر.
إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادىء القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها،
فلكل منطقة إله(*)، ولكل عمل أو ظاهرة إله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأسيس وأبرز الشخصيات:•
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون،
فقد تمّ تشكُّل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن.•
الآريُّون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية
.- ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى.-
في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة(*) البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهيًّا
ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر(*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.الأفكار والمعتقدات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها، ونظرتها إلى الإله، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• كتبها :
ــــــــــــــــــــــــ
للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة
وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصار تلك الشروح، وكلها مقدسة وأهمها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:1- الفيدا
ــــــــــــــــــــــــ
: وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة،
وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي،
وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود،
وهي تتألف من أربعة كتب هي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:1- رج فيدا أو راجا فندا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أي الفيدا الملكية) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد،
فيها ذكر لإله(*) الآلهة(إنذار) ثم لإله النار (أغني) ثم الإله (فارونا) ثم الإله سوريه (إله الشمس
)
.2- يجور فيدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتلوها الرهبان(*) عند تقديم القرابين
3- سم فيدا
ــــــــــــــــــــــــــ
ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية
4- أثروا فيدا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبارة عن مقالات من الرقي (*) والتمائم (*) لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين.
وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي:-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
i- سَمْهِتا
ــــــــــــــــــــ
: تمثل مذهب(*) الفطرة، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين
..
ii- البراهمن
ـــــــــــــــــــــــــ
يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين
iii-آرانياك
ـــــــــــــــــــــــــ
وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات
iv- آبا نيشادات
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
: وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية
.
.2- قوانين منو
ــــــــــــــــــــــــــــــ
: وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد(*) الذي تمثل في (الجينية والبوذية).
وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها
.
1- كتب أخرى
ــــــــــــــــــــــــ
:أ‌- مها بهارتا
ــــــــــــــــــــــــ
: ملحمة هندية تشبه الإلياذة(*) والأوديسة(*) عند اليونان ومؤلفها (وياس) ابن العارف (بوسرا) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب .
ب‌- كيتا
ــــــــــــــــــ
: تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة، وينسب إلى كرشنا(*) فيها نظرات فلسفية واجتماعية
.ت‌- يوجا
ــــــــــــــــــــــــــ
(*) تحتوي على أربعة وستين ألف بيت، ألفت إبتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس، فيها أمور فلسفية ولاهوتية
.ث‌- رامايانا
ــــــــــــــــــــــــــ
: يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك أسمه (راما).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظرة الهندوسية إلى الآلهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:- التوحيد
ــــــــــــــــــــ
: لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق، لكنهم إذا أقبلوا على إله(*) من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله(*) الآلهة
.- التعدد
ـــــــــــــــــــــــــ
: يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد: كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين.
التثليث
ــــــــــــــــــ
(*): في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه
:1- براهما(*): من حيث هو موجود
.2- فشنو(*): من حيث هو حافظ
.3- سيفا(*): من حيث هو مهلك
.فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها
. وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث
.- يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية
.- يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا وقد التقى فيه الإله(*) بالإنسان أو حل اللاهوت(*) في الناسوت(*)، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح
، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة – رحمه الله – مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب، بل التطابق، وعلق في أخر المقارنة قائلاً: "وعلى المسيحيين(*) أن يبحثوا عن أصل دينهم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.• الطبقات في المجتمع الهندوسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:- منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكَّلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن، ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله (كما يعتقدون).-
وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:1- البراهمة
ــــــــــــــــــــــــ
: وهم الذين خلقهم الإله(*) براهما من فمه: منهم المعلم والكاهن(*)، والقاضي، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم
.2- الكاشتر
ــــــــــــــــــــــــ
: وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه: يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع
.3- الويش
ـــــــــــــــــــــــــــ
: وهم الذين خلقهم الإله من فخذه: يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال، وينفقون على المعاهد الدينية
.4- الشودر
ـــــــــــــــــــ
: وهم الذين خلقهم الإله من رجليه، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين، وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة
.- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني
.- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة
ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال
.- البراهمة هم صفوة الخلق، وقد ألحقوا بالآلهة، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم "شودر" ما يشاؤون
.- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه
.- لايجوز للملك – مهما اشتدت الظروف – أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي
.- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل
.- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده
.- لا يصحُّ لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده
.-
المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو
(*).-
من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب
.-
إذا مدّ أحد المنبوذين إلى برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده، وإذا رفسه فُدِعت رجله.- إذا هَمَّ أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد
.- إذا ادّعى أحد المنبوذين أنه يعلِّم برهمياً فإنه يسقى زيتاً مغليًّا
.- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء
.- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات.- ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه
.معتقداتهم
ــــــــــــــــــــــ
:- تظهر معتقداتهم في الكارما، وتناسخ الأرواح(*)، والانطلاق، ووحدة
:1- الكارما
ــــــــــــــــــــــــ
: قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب
.2- تناسخ الأرواح
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة
.3- الانطلاق
ــــــــــــــــــــــــــــ
: صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة.- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء، واطمأنت نفسه، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما
.- يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما
.4- وحدة الوجود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
: التجريد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة(*) وتصير النفس هي عين القوة الخالقة
.أ‌- الروح كالآلهة أزلية سرمدية، مستمرة، غير مخلوقة
.ب‌- العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة
.ت‌- هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا.•
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفكار ومعتقدات أخرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
:- الأجساد تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه الروح إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً
.- عندما تتخلص الروح وتصعد، يكون أمامها ثلاثة عوالم
:1- إما العالم الأعلى: عالم الملائكة
.2- وإما عالم الناس: مقر الآدميين بالحلول
.3- وإما عالم جهنم: وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب.- ليس هناك جهنم واحدة، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة
بهم
.- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.- يترقى البرهمي في أربع درجات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:1- التلميذ وهو صغير
.2- رب الأسرة
.3- الناسك
ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن
.4- الفقير
: الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده، بل تعيش في شقاء دائم، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم
.- قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.- الديانة الهندية تجيز عقد القران للأطفال وهم يَحْبُون، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب
.- ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد
يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل؛ ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمة مثلاً
.- نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص
.- رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها
.- حاول الزعيم الهندي (غاندي) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة.
- حاولت جماعة (السيخ) إنشاء دين(*) موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم
.الجذور الفكرية والعقائدية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:• في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية
.• جاء الغزاة الآريون مارّين في طريقهم بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها، ولما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص
.• وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وُضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما(*).• عصفت بالديانة(*) الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية
.• ظهرت قوانين منو(*) فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد
.• انتقلت فكرة التثليث(*) من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام
.• انتقل فكر التناسخ(*) والحلول(*) ووحدة الوجود (*) إلى بعض المسلمين الذين ضلُّوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية
.الانتشار ومواقع النفوذ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:كانت الديانة الهندوسية، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز
، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيهما إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها؛ كان ذلك سبباً في حدوث التقسيم
حيث أُعلن عن قيام دولة الباكستان بجزأيها الشرقي والغربي والتي معظمها من المسلمين، وبقاء دولة هندية معظم سكانها هندوس والمسلمون فيها أقلية كبيرة
.ويتضح مما سبق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
:أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة(*) الهندية والديانتين اليهودية(*) والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع
. ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي(*)، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم
. وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار.. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية(*) التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد
. كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني
.